(ورحلَ أبو عماد، رمز الجود والأمجاد). بقلم: سعد بن فهد السنيدي..شقراء.
ودّعتْ مدينة ثرمداء خاصة وإقليم الوشم عامة، رَجلاً من رجالها النُجباء، ورمزاً من رموزها الأوفياء، ورائداً من روّاد مناشِطها الخيرية والإنسانية والتطوعيّة، ساهمَ(عليه شآبيب الرحمة) مع ثُلةٍ من أقرانه بفعاليّةٍ مُتناهية في وضع اللبنات الأُوَلْ للعمل الخيري في ثرمدائه، ساعياً بحماسٍ مُتّقدٍ في الارتقاء به وتنظيمه، والمُضي به قُدُماً نحو المأسسة والعصرنة، مع تعاهُدٍ دؤوبٍ لفقراء بلدته ومُعوزيها، وأراملها وأيتامها، وتهيئة مشروع تفطير صائميها، وغير ذلك من أبواب البر والخير والإحسان..إنه المربي الفاضل، المُعلم المتقاعد، ابن ثرمداء البار، الشيخ سليمان بن تميم بن سعد بن محمد الدخيّل(يرحمه الله رحمة الأبرار) الذي ودعته عصر جُمعتنا هذه جموعٌ غفيرة من أرجاء وشمنا الأشم في مشهدٍ يسوده الحزن والتأسف والتأثر، مُشيدين بمآثره ومناقبه ومكانته في قلوبهم..عاش أبو عماد كريما سخيّاً أريحيّاً مُحباً لمدينته وأهلها، باذلاً كل مافي وسعه لتطويرها وإنهاضها وإعزازها وإنمائها، فسَكَنَ بلدته العريقة وسكَنته!! تاركاً فيها بصمات وعطاءاتٍ ومُنجزاتٍ وذكرياتٍ لا تُنسى ولا تٌمحى.. نعم سادتي الكرام، إنها شريحة اجتماعية استثنائية نبيلة(ترحل أجسادهم وتبقَى آثارُهم) فكمْ من اسمٍ غيَّبته المنايا،مُغادِراً دنيانا الفانية إلى آخرتنا الباقية، غيرَ أنَّ أعماله الخيريَّة، وخدماته الوظيفية، ومساعداته الماليَّة والعينيّة، وابتسامته وبشاشته وبساطته وشهامته، ظلَّت باقيةً شاهدةً ناطقةً سنين عددا، فلكأني بهذا الشاعر عناهُم بقوله:
وكيف أمحوكَ مِن أوراق ذاكرتي… وأنتَ في القلب مثل النقشِ في الحجرِ!!
فهنيئاً لك أبا عماد سيرتكَ ومسيرتكَ العطِرةٍ.. أمّا إنْ تحدثنا عن مكانته الأسريّة وصلته لأرحامه، فلا يختلف إثنان أنه -يرحمه الله- كان رقماً صعباً ونجماً ساطعاً في سماء ثرمداء، يشهد له بهذه الفضائل والشمائل جميع أقربائه بلا استثناء،فيكفيه فخراً أنه عَلَماً من أعلام الرعيل الأول، المؤسسين لمُلتقى حمولته الموقرة أسرة آل يويسف التميمية الثرمداوية،أو مايُعرَف في أوساطهم وقروباتهم ب(قصر آل يويسف) الذي رأى النور منذ مايقربُ من أربعين عاما، وذلك بانضمامه -يرحمه الله- لكوكبةٍ فاضلةٍ من أشياخ عشيرته(يرحم الله أحياءهم وأمواتهم) فشيّدوا بنظرةٍ سديدةٍ بعيدة قاعةٍ خرسانية فسيحة، مُحقِقة دون أدنى شكٍ أهدافها المُستقبلية السامية، وثمارها التواصليّة اليانعة، فاستوعبَتْ أسرتهم ومناسباتها، وأضحتْ مظلةً مباركة لترابط وتماسك أجيالها، وتآزرها وتلاحمها وتعاونها في سرّائها وضرائها، آملاً من أبنائي الكرام شباب هذه الأسرة الأصيلة،المحافظة على هذا الإرث الاجتماعي العظيم،وعدم التفريط فيه، فأنتم بفضل الله مؤهلون لحمل الراية ومواصلة المسيرة..ومن مواقفَ أبي عمادٍ المشهودة، اهتمامه الكبير ببعض أعمامه -يرحمهم الله- لا سيما في شيخوختهم، واعتنائه والتصاقه بهم، ومؤانستهم ومُجالستهم بصفةٍ يومية،مُشاركاً أبناءهم مُتابعة حالتهم الصحية والعلاجية، فأمضى حياته مُبارَكا أينما كان!!!
عزيزي القارئ:أتوقفُ هنا،مُفسِحاً المجال لمُثقفي مدينة ثرمداء وكُتابها، لإتحافنا بتدوين سيرة الراحل العزيز في مقالٍ جامعٍ شامل، فإنهم -بارك الله فيهم- أقربُ مني للمشهد الثرمداوي العام.. مُختتماً هذه الإطلالة بقول القائل لا فُض فوه:
مِن أين أبدأ وصفَ مايجري لنا…والوصفُ يَعْجز أنْ ينال مَدانا.
ميلادُنا باب الدخول وموتُنا…بابُ الخروج بِنا إلى أُخْرانا.
تمضي بنا نحو المَعاد ركابُه…لنرى الصراط هناك والميزانا.
كلُّ العناوين انمَحتْ لمّا غدا…صمتُ المقابر للفتى عُنوانا.
وتوقفتْ عنه الرسائلُ كلُّها…إلا رسائل مَن دعا الرحمانا.
ماتَ ابن آدمَ يالها من عِبرةٍ…تُحيي القلوبَ وتوقظ الأذهانا.
مَن مات منّا فهوَ سابقُنا الذي…لقِيَ النهاية قبلَ أنْ تلقانا!!!
اللهم اغفر لأبي عماد وارحمه برحمتك الواسعة، اللهم افسح له في قبره ونوّر له فيه، اللهم جازه بالحسنات إحسانا،وبالسيئات عفواً وغفرانا..
مُقدماً صادق العزاء والمواساة إلى والدتي الغالية.. وإلى أبناء الفقيد وإخوانه، وعموم أخوالي الكرام آل دخيّل وآل يوسف، وأعيان وأهالي ثرمداء وجميع طلابه ومُحبيه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.. والحمد لله على قضائه وقدره.