أخبار شقراء

الوطن في عيون الأدباء والشعراء) بقلم أ.محمد بن عبدالله الشايع

(الوطن في عيون الأدباء والشعراء)
بقلم أ.محمد بن عبدالله الشايع
ثانوية الملك عبدالله بمحافظة بشقراء

الحَديثُ عَن حُبِّ الأوطانِ، هو حَديثٌ يُثيرُ الأشواقَ والأشجانَ، حَديثٌ عَن فِطرةٍ في الإنسانِ والحَيوانِ، فالبَشرُ حَنينُها إلى أوطانِها، والدَّوابُّ إلى مساكنِها، والإبلُ إلى معاطنِها، والطُّيورُ إلى أَوكارِها، والأسماكُ إلى بِحارِها.
الوَطنُ قِصَّةٌ كَتَبَها التَّاريخُ بِدِماءِ الصادقين ، وبِعَرقِ المُكَافِحينَ، وبِصَبرِ الأَوَلينَ، وبِدُعاءِ الصَّالحينَ.
الوطن هو ماضينا وذكرياتُنا، هو حَاضرُنا وتَضحياتُنا، هو مُستقبلُنا وأمنياتُنا، فيهِ تَعلَّمنا الجُودَ والفَيضَ والعَطاءَ، وعَلى أرضِه تطيبُ المُبادرةُ والتَّضحيةُ والنَّماءُ، وله يَهونُ التَّعبُ والمَشقةُ والبِناءُ.
حبُّ الأوطانِ في قلوبِ النَّاسِ كالجبالِ، ولو لم يكنْ فيها شيءٌ من الجمالِ،.
يقولُ القَزوينيُّ في آثارِ البلادِ وأخبارِ العبادِ عن بلدةِ الرَّصَافةِ: ومن عَجيبِ هذه البَلدةِ، أنَّ ليسَ بها زرعٌ ولا ضَرعٌ ولا ماءٌ، ولا أَمنٌ ولا تجارةٌ، ولا صَنعةٌ مَرغوبةٌ، وأهلُها يَسكنونَها .. ثُمَّ قَالَ: ولولا حُبُّ الوَطنِ لخَربِتْ.
وصدقَ القائلُ:
بلادٌ أَلِفنَاها على كُلِّ حَالةٍ
وقد يُؤْلَفُ الشَّيءُ الذي لَيسَ بالحَسنْ
وتُسْتعذبُ الأرضُ التي لا هَواءَ بها
ولا ماؤها عَذبٌ، ولكنَّها وَطَنْ
قِيلَ لِأَعْرَابِيٍّ: أَتْشَتَاقُ إِلَى وَطَنِكَ؟، قَالَ: كَيْفَ لَا أَشْتَاقُ إِلَى رَمْلَةٍ، كُنْتُ جَنِينَ رُكَامِهَا، وَرَضِيعَ غَمَامِهَا ؟.
وحتى الشعراءُ كانَ في أشعارِهم نصيبٌ كَبيرٌ من التَّغَزُّلِ في الأوطانِ، حَتى أنَّ أشهرَ بَيتٍ لأبي تَمامٍ في الغَزلِ، (ما الحبُّ إلا للحَبيبِ الأولِ)، قَد قِيلَ في الوَطنِ ولَيسَ في المَحبوبةِ كما اشتهر حَيثُ يَقولُ:
كَمْ مَنزلٍ في الأرضِ يَألفُهُ الفَتَى وحَنينُهُ أَبَداً لأولِ مَنزلِ
نقِّل فُؤادَك حَيثُ شِئتَ من الهَوى ما الحُبُّ إلا للحَبيبِ الأولِ
وهذا الإمام الذهبي يعدد محبوبات النبي الكريم فيقول كان يحب العسل ويحب أسامة ويحب عائشة ويحب وطنه .
وقال عن مكة عليه الصلاة والسلام وهو يودعها بالدموع أنتي من أحب البقاع إلي .
وقال الأصمعي : إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ووفاء عهده، فانظر إلى حنينه إلى أوطانه، وتشوُّقه إلى إخوانه، وبكائه على ما مضى من زمانه ..
وقال الجاحظ في كتابه الحنين إلى الأوطان وكانت العرب إذا سافرت حملت معها من تربة بلدها رملًا وعَفَرًا تستنشقه عند نزلة أو زكام أو صداع.
فالوطن عديل الروح فلا تفرط في حبه بل كن لبنة من لبناته وعامودا من أعمدته بحبه والدفاع عنه والانتماء له وبالمحافظه على ممتلكاته وبالدعاء الصادق لقيادته .. فالوطن هو أنسك وحياتك وأملك وميلادك وهو ذكرياتك وقصة حياتك .
ففيه ولدت وفيه نشأت وفيه تعلمت وفيه تسكن وتعيش ووطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه ..
حمى الله ديننا وقادتنا وبلادنا من كل سوء وشرب ومكروه ونصر الله أبطالنا على حدودنا وحماهم الله وعافاهم وقواهم ..
وإلى الملتقى ،،،،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى