كلمة د. خالد الشبانة في حفل تقاعده المبكر من تعليم شقراء
مشاعر التقاعد في شقراء
بسم الله والحمد له سبحانه؛ الذي يُستفتحُ باسمهِ كلُ كتاب، ويُبتَدأُ بحمدهِ كلُ خطاب، والصلاةُ والسلامُ على سيدنا محمدٍ الذي أُوتي الفصاحةَ وفَصلَ الخِطاب ،، وبعدُ..
أَحْمَدُ ربي أنْ كانت آخر محطات وظيفتي في شقراء، حيث عشتُ ــ فترةً ــ في أحضانِها، وانتشتْ رُوحي من نسماتِها، وأشكرُه سبحانه على معرفةِ وزمالةِ أبنائها، واتصالِ حَبْلِ الوُد مع مَنْ
سكنَها، ومن الشعور الذي لا أستطيع إخفاءه؛ أنهم ــ وقبل أن أسكنها ــ سكنوا رُوحي، ودخلوا
بابَ قلبي من غيرِ استئذان؛ فهم أهلٌ وإخوةٌ، ورُبَ أخٍ لك لم تلِدْهُ أمُك.
لقد سطّر التاريخُ، وشهِدت الأيامُ؛ مدحاً وثناءً لأهلِ شقراء؛ لكنني رأيتُ صفحاتٍ لم تُكتب، ومناقبَ لم تُسطّر، وصوراً لم تُلتقطْ، وتاريخاً لم يُدوّن؛ فاهتز قلبي، وجال خاطري، وسال مدادُ قلمي ليسجلَ هذه الصفحةِ المشرقةَ النيرة؛ فالدينُ في أقوالِهم وأخلاقِهم وسلوكِهم، والانتماءُ للوطن ولِولاته في عملهم وبَذْلِهم وعطائِهم، والكرمُ والوفاءُ والجودُ والمحبةُ والمودةُ والألفةُ والتعاون في تعاملهم، والاجتماعُ واللٌحْمةُ والتكافلُ والحبُ يسكُنُ في أعماقِ قلوبِهم، والابتسامةُ والطيبُ والنقاءُ يرْتسمُ على مٌحَياهم، حقاً إنهم أهلُ العطاءِ والبذلِ والإحسانِ، وهم رمزُ المبادرةِ والمسابقةِ للقيمِ والفضائلِ، هنا سأتوقفُ؛ لأن ذاكرتي تُفْلِسُ من مخزونِ الكلماتِ التي تستحقُها شقراء ومَن عرفتُهم فيها؛ والتي تُترجمُ الواقعَ الصحيحَ والمستحق.
في يوم الاثنين (11/04/1438 هـ) دخلتُ شقراء من بوابتهاِ الشرقيةِ إلى إدارة التعليم، ومنها خرجتُ يوم الأربعاء (3/12/1442هـ)، أربعُ سنواتٍ وثمانيةَ أشهرٍ مرت كلمحِ البصر لكنها فاضت بعطائها كالغيث، وهكذا أيام السعدِ تذهب سريعاً بلا وداع، ومثلها الفتراتُ العذبةُ أشبهُ بحُلْم جميلٍ، سرعان ما يرحلُ تاركًا الوفاءَ والأوفياءَ.
لقد كان زملائي وزميلاتي ــ الذين عملتُ معهم في الإدارة والمدارسِ ــ عوناً وسندا، وعزاً وشرفاً، وفخراً ووفاء.
ولأن العملَ الرسميً يمتدُ بالاشتراك مع زملائي ــ مديري الدوائرِ الحكوميةِ في المجلسِ المحلي لمحافظةِ شقراء ومحافظة مرات وجميع المراكز التابعة؛ حيث يرأسها أصحاب السعادة المحافظين ــ فقد نهَلْتُ من مَعينِ الخبرةِ والمعرفةِ، وارتويْتُ من سعةِ الأفقِ وحب الإنجازِ في العملِ مع جميعِ زملائي مديري الدوائرِ الحكوميةِ الذين زاملتُهم، برئاسةِ أصحابِ السعادةِ محافظي شقراء ومرات؛ حيثُ كانوا مدارسَ في حسنٍ الإدارةِ واحترافيةِ العملِ والإنجاز، ومصابيحَ قدوةٍ في الانتماءِ والمواطنةِ.
كما تشرفتُ بالعملِ أمينًا عامًا لجائزةِ الجُميحِ للتفوقِ العلمي وحفظِ القرآنِ الكريمِ لعدةِ دوراتٍ سنويةٍ، وهنا لا يَسَعُني إلا الدعاءُ بالأجرِ والمثوبةِ وتَقْديمِ الشكرِ والتقديرِ لسعادةِ الشيخِ الكريمِ: حمدِ ابن عبدالعزيزِ الجُميحِ وأسرةِ آلِ الجميحِ الكرامِ على ما بذلوه ويبذلونَه في الشراكاتِ الاجتماعيةِ الداعمةِ لتحفيزِ وتكريمِ الطلابِ والطالباتِ؛ ليكونوا لبنةً صالحةً في بناءِ هذا الوطنِ المعطاءِ، والشكرُ يمتد لأعضاءِ مجلسِ إدارةِ الجائزةِ على ما قدموه من دعمٍ ورأي وعملٍ في إنجاحِ أعمالِ الجائزةِ في كل عامٍ.
كما يمتد الشكرُ والتقديرُ والثناءُ للوجهاءِ والأعيانِ والتجارِ الذين قدموا ويقدمون للتعليم المقترحاتِ النافعةِ والشراكاتِ الاجتماعيةِ الثريةِ؛ حيثُ كانوا نصَحَةً بررةً ومبادرين باذلين؛ ومخلصين لدينِهم ثم لوطنِهم ولولاةِ أمرِهم ولمحافظتِهم وبلدانِهم، ويمتد الشكر والعرفان والثناء لسعادة الشيخ الوجيه: حمد بن محمد الرقيب، وسعادة الشيخ الوجيه: أبي زكي عبدالعزيز بن علي الشويعر على رعايتهم الكريمة وفضلهم وإكرامهم.
وقد جمعتُ معانٍ وكلماتٍ كانت في تلك الأبيات المختصرة لبعض المشاعرٍ المعبرةٍ عن شقراء وتعليمها وأهلها:
إني نظمتُ الشعر عِقدَ جُمـــــــــانِ وجرى بحبك في الأنــامِ لساني
وغدوتُ عذريــًا يُجَن من الـهوى ويهيمُ في الفلـــواتِ دون مكانِ
وهتفتُ من أعماقِ قلبي شاديــــــا بالحب إن الحبَ في شُريـــــاني
أنا لستُ أنسى عهدَها وجمـــــالَها وصفاؤُها قد هزًّ كلً كِيــــــــاني
إن كنتُ أحيا في الرياضِ فخاطري معهــــــا بكـــــــل تَحَرُكٍ وأوانِ
أوّاهُ يا شقرا ملكتِ مشــــــــاعري وعواطفي وخواطري وجَنَــاني
عهدٌ من الإنجـــــازِ عشتُ عطاءَه متميزٌ بالجِد والاتقــــــــــــــانِ
الكلٌ يعمل ُفي فريقٍ واحــــــــــــدٍ متماسكٍ في قوةِ البُنيـــــــــان
بدت الإدارة في النشــــــــاط خليةً تعطي بلا كسل ولا نقصــــان
شقراءُ عهـــدٌ ما رأيتُ مثيلـــــــه مثل الخيــــــــالِ يمرُ مرَ ثوانِ
إني ألفتُ الخيرَ في أجوائــِــــــــها وسعدتُ بالأصـــحابِ والخِلًان
هم إخوةٌ لما نزلتُ بســـــــــــاحِهم سكنوا فؤادي دُونمــا استئذانِ
هم مضربُ الأمثالِ في الخُلقِ الذي يُغلي ويُعلي قيمةَ الإنســــــان
لبسوا من الأخــــــــلاقِ كلَ فضيلةٍ متمسكين بِشِرْعَةِ الرحمــــــن
أقوالُـــهم.. أفعـــالُهم.. أخلاقُــــهم سلكتْ سبيلَ البِر والإحســـان
هذي النفوسُ مع الولاءِ تعــاهدت لتكونَ رمزَ محبةِ الأوطـــــان
فولاؤُهم للهِ جــــــــل جلالُــــــــــه ثم المليكِ ودولــــةِ الإيمـــــان
يا صحبةَ العهدِ الجميلِ وصالُنـــا باقٍ مع الأيامِ والأزمــــــــــانِ
بُعْدُ المسافةِ لن يمزّقَ وصلَنــــــا سيظلُ حبْلُ الوُد في الوجـدان
وإلى لقــــــــــاءٍ لا وداعٍ بعـــــده لا تَغفلوا عني وعن عنوانــي
وختاماً: أزجي الشكرَ والتقديرَ لسعادة مديرِ التعليمِ الدكتورِ: إبراهيمَ بن عبدالله الحسن، وللزميل الوفي العزيز الأستاذ: عبدالعزيز بن عبدالرحمن المقحمِ رئيسِ قسمِ النشاطِ الطلابي وللزميل المخلص الكريم الأستاذ: مثيب بن ناصر آل عجل وإخوانه الكرام، ولفريقِ العمل المميزِ القائمِ على تنظيمِ وتنسيقِ هذا الاجتماعِ الغالي؛ المبني على الجود والكرم والوفاءِ، الذي يبرهنُ على بقاء المحبةِ ودوام المودةِ معتذراً عن سرد كل أسماء الكرام، ولجميع من نسق وشارك وحضر أقول:
أُوَدعُكمْ واللهُ يعلمُ أننــــــــــــــي أُحب لِقاكُم والخلود إليكـــــــمُ
وما عن رِضاً كان الوداعُ وإنما دواعٍ دَعتْنا فالسلامُ عليكـــــمُ
خالد بن محمد الشبانة
شقراء، مساء الثلاثاء 3/5/1443هـ.