بقلم: سعد التميمي .. شقراء .
استيقظتْ مدينتنا شقراء في صباحها الباكر حزينة كئيبة على فراق ابناً من أبنائها النجباء وعَلَماً من أعلامها الأوفياء، لا يختلف اثنان على رمزيَّته ونخبويَّته وشهامته، ولِدَ ونشأ وترعرع وتلقى تعليمه الأولي في شقراء العِلم والعلماء ، فما زال باراً بها، مُتفانياً في خدمتها، مُحبَّاً لها ولأهلها حتى أتاه اليقين .. إنه يا سادة فضيلة الشيخ الوجيه الدكتور محمد بن سعد الشويعر . رجلٌ أفنى عمره الثمانيني خادماً دينه ووطنه ومجتمعه في ميادين شتى، فما انخرط (يرحمه الله رحمة واسعة) في عملٍ من الأعمال إلا وقام به خير قيام .. نستذكر في هذه الإطلالة العجلى مبادرته المشهودة لإعداد أول بحثٍ مُعتبرٍ وشاملٍ عن مسقط رأسه، فحاز قصب السبق بتألف ( كتاب شقراء ) الذي رأى النور في العام ( 1405هــ ) فنال إعجاباً واحتفاءً وثناءً غير مسبوق في الملتقيات والأوساط الشقراوية، فإذْ بجموع الأهالي يُصدِّرون هذا الكتاب النفيس في مجالسهم اعتزازاً بما يحويه من معلوماتٍ موثوقة عن مدينتهم، مُنوهاً من خلاله بماضيها التليد، وحاضرها المجيد، حتى بات مرجعاً رئيساً للباحثين في تاريخ شقراء خاصة وإقليم الوشم عامة، وكمعاصرٍ لتلك الفترة الراكدة أحْسبُ أنَّ أبا عزامٍ ( يرحمه الله ) أصاب المَحز وحقق أهدافه النبيلة من خلال كتابه هذا في تعزيز انتماء (أبناء جيلي بالذات) إلى مدينتهم وحاضنتهم الإقليمية .. ومرَّت السنون، حتى نفدتْ جميع نسخه من المكتبات، ليسعد الأهالي مرةً أخرى وتحديدا في العام ( 1424هــ ) بصدور طبعة ثانية (مَزيدة ومنقحة) في جزئين جميلين، تبرع المؤلف ـ جزاه الله خيراـ بريعهما إلى الجهات الخيرية الشقراوية .. أما على الصعيد الوطني فشمل إنتاجه الثقافي أرجاء مملكتنا السعودية وعالَمنا الإسلامي، بمؤلفاتٍ جزلاتٍ في تخصصاتٍ متنوعةٍ، نال على إثرها وباستحقاقٍ تام وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى، ولعلَّ من أجَلِّ أعماله التي شرَّقتْ وغرَّبت محلياً ودولياً، إشرافه المباشر على جمع وتحقيق ( فتاوى ومقالات سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز ) يرحمه الله .. رحل أبو عزام إلى الدار الآخرة تاركاً خلفه مكتبة زاخرةً حافلةً بعطاءٍ قلَّ نظيره، أقفُ أمامها مُستعيراً قول القائل:
أيها الشيخ الذي ودَّعنا … عاليَ الهمَّة وضَّاح الجبين
نحن نلقاكَ وإنْ فارقتَنا … في علومٍ بقِيتْ للراغبين
كلنا نفنَى ويبقى ربُّنا …خالق الكون ملاذُ الخائفين
اللهم اغفر لشيخنا وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، واجمعنا به في مستقر رحمتك .. مُقدماً صادق العزاء والمواساة إلى جميع أفراد أسرته، وإلى حمولة آل شويعر الكرام، وإلى وجهاء وأهالي مدينتنا شقراء، وإلى جميع أصدقائه ومحبيه .. وإنا لله وإنا إليه راجعون …
رَحِم الله الشيخ / محمد الشويعر رحمةً واسعة ، واسكنه فسيح جناته .. وإنا لله وإنا إليه راجعون ..
مقالة رائعة ، لا فوض فوك ( ورحم الله فقيد شقراء ) ??