أخبار شقراء

نقشٌ على باب العطيفة .

بقلم : سعد التميمي .. شقراء ..

حروفي هذا المساء تتجه شمالًا، حيث الأصالة والشهامة، ففي شقرائنا القديمة ذكريات شجيَّات .. أتوقُ إليها في شَوقٍ عميقٍ، وشعورٍ غريبٍ ينتابني حالَ نزولي ساحاتِها العريقة وبقاعِها الأصيلة، مُتمتِماً بداليَّة الجواهري الشهيرة:

نزَلتُ ساحَتكِ الغنَّاء فانبَعثَتْ … بالذكرياتِ الشَجيَّاتِ الأناشيدُ
قامتْ قيامَتُها بالحُسْنِ وانتشَرتْ … فيها الأهازيجُ والأضواءُ والغِيد !!

فيالها من ( داليَّةٍ ) عراقيَّةٍ عصماءَ لا يُضاهيها ( شعبيَّاً ) سوى داليَّة ( مبيلش ) الحربية !! التي لمْ أجدُ بدَّاً من ترديدها فور زيارتي لبيته الأثري في ( الشارع الجديد ) فحلَّقتُ في أجواءٍ شاعريَّةٍ فريدة ، توقيراً وتبجيلاً لقصائده الجزِلات التي واكبَتْ انتصارات مملكته الأبيَّة :

نِحمد اللي عَز دِينه وصَدَّقْ بالوَعدْ … وألبَس التوحيد ثُوبٍ مِن البيضا جِديدْ
راية التوحيد جاها مِن المولى مِدَدْ … دام أبو تركي عَزيز فدِين الله يِزيدْ

هنالك في ( الحسيني والمبهنية وحايط علا وباب العطيفة والدويخل وسديرة والطريف والشوذبي والمسعري والصبخة) روائح عبقات!! فيا لها من أحياءٍ تاريخيةٍ راسخة ، حيث التعددية الزاهية، والسرائر النقيَّة ، والصدور السليمة ، والعلاقات الوثيقة ، والتكاتف والتآزر، وغيرها من الشمائل والفضائل.. فصدقَ فيهم قول القائل:

هذي بُيوتْ ( أهلْ شقراء ) القديمة … الِّلي لُهُم في عالِيَ الطِيب مِنْزال .

مُستذكِراً في الوقت ذاته رجالِها ونسائها الفُضلاء ، وأشياخها النُبلاء ، أهل الكرم والجود ، والعبادة والريادة ، والمروءة والرجولة ، مُلقياً التحية على ماضيها التليد وتاريخها المجيد ، الذي كانَ ولا يزال وسيبقَى محفوظاً محفوراً في صميم ذاكرتي وذاكرة أبناء جيلي ، هاتفينَ بنونيَّة العشماوي :

ما زِلتُ أغرِسُ آمالي وأحرُسُها … ولمْ تَزلْ شَفَة الذكرَى تُناجيني .
يا حائطَ الدَّهر إنْ أخفَيتَ عن نَظَري … أشخاصَ قَومي فذِكراهُم تُوافيني !!
أظَلُّ أذكُرُ ماضينا فيَملَؤني … زَهْواً ورائحة الأمجاد تُذْكِيني .

إنها (شقراء الوشم) (ملِكة جَمال المُدُن النجديَّة) (هكذا أراها وللناس فيما يعشقون مذاهبُ) وما يُدريكَ فلعلَّ قَيساً عناها بقوله:

تذكَّرتُ (شقراء) والسنينَ الخَوالِيا … وأيَّامَ لا نَخشَى على الحُبِّ ناهَيا !!
أُحِبُّ مِن الأسماءِ ما وافقَ اسمَها … وأَشْبَهَهُ أو كانَ مِنهُ مُدانِيا !!
تَمرُّ الليالي والشهورُ ولا أرَى … غرامي لها يزدادُ إلَّا تمادِيا !!

رحلَ أولئك الأحبَّة وبقيتْ مساجدهم ومنازلهم وآثارهم شاهدةً ناطقةً على التديُّن العميق ، والكرم العريق ، والجماعيَّة والأريحيَّة ، والوفاء والإباء، فاستحقتْ عن جدارةٍ قول الشاعر:

شَقْرَاءُ مَا شَقْرَاءُ ؟ حَقّاً إِنَّهَا … سُوَرٌ مِنَ الحُسنِ الفَرِيْدِ مُرَتَّلَةْ !!
أرْضٌ حَبَاهَا اللهُ مِنْ نَعْمَائِهِ … مَا خَافِقٌ إِلاَّ وَصَارَتْ مَنْزِلَهْ !!

أحبتي القراء: بعد مقالاتٍ مُتواصلة، أستأذنكم في إجازةٍ طيلة الأشهر القادمة .. على أملٍ أن نعود ونحن جميعاً في خيرٍ وعافية ..

وتقبلوا تحياتي .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مقال ثري بالمعلومات ودائما مقالا ت ابي فهد تحمل الكثير من المعلومات التاريخية والادبية وقد عرف الاستاذ سعد بعباراته الجزلة وأسلوبه الشيق فهو كاتب مبدع واديب اريب حفظ الله ابا فهد وعمر مديد في طاعة الله .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى