أخبار شقراء

أ.د. عبد اللطيف الحميد .. (إرادةٌ وريادةٌ وإفادة)

بقلم: سعد التميمي .. شقراء ..

عرَّفَ المُفكر الألماني الشهير (ماكس فيبر) الطبقة المثقفة، بأنهم (مجموعةٌ من الأشخاص الذين تُمكنهم قُدراتهم ومواهبهم الخاصة من النفاذ إلى مُنجزاتٍ ذات قيمةٍ ثقافية) .. وبناءً على هذا التعريف العميق فإنه لا يُكتفَى بما يكتزنه المثقف من سعة اطلاعٍ ومحصولٍ تعليمي ومخزونٍ معرفيٍّ مهما بلغَ شأنه، مالم تُتوَّج هذه المزايا والسجايا بمنجزاتٍ مجتمعيةٍ، ومبادراتٍ إنسانية، وإسهاماتٍ ميدانية.. وإنَّ ممَّا يثلجُ صدورنا ما حظِيتْ به مدينتنا شقراء ووشمها الأشم من نخبةٍ مثقفةٍ فاعلةٍ واعية، أخذتْ على عاتقها الارتقاء بمشهدنا الثقافي وإنهاضه وإعلائه، يتضح ذلك جليَّاً في تنامي ظاهرَتي التأليف والتوثيق طيلة العقدين الماضيين، في مشهدٍ بديعٍ يسودُه التنوع والتكامل والتنافس الحميد بين مثقفي إقليمنا الأغر، مُستظلين بالقاعدة التنظيمية السديدة (كلٌّ فيما يخصه) فنجمَ عنها تناغُماً فريداً ويقظةً فكرية آتتْ أُكُلها ضِعفين في زمنٍ وجيز .. ولقد قيَّض الله لاحتواء واستيعاب ولملمة هذه الانطلاقة الثقافية الميمونة رَجلًا فذاً ومثقفاً بارزاً يُعدُّ من خيرة رجالات شقراء وابناً من أبنائها البررة، وظَّف تخصصه التعليمي ومستواه الثقافي ومكانته المجتمعية في خدمة مدينته وحِراكها الثقافي الآخذ في التصاعد، فبادرَ المؤرخ الجهبذ سعادة البروفيسور {عبد اللطيف بن محمد الحميد} بفكرةٍ صواباً حازتْ فَور إشهارها إشادةً وتأييداً واستبشاراً رسمياً وشعبياً، ألا وهي تأسيس مَعلَمٍ ثقافيٍّ شامخٍ في بلدته القديمة، يُعنَى بحفظ مؤلفات وإصدارات أبناء الإقليم وغيرهم، وتهيئتها للقراء والمهتمين والباحثين والسائحين، وأعني بها (دار تراث الوشم لنشر وتوزيع الكتب التاريخية والتراثية والعروض الثقافية) .. والتي من أهمِّ أهدافها كما دوِّن في بيان تأسيسها:

• نشر الكتب والبحوث والدراسات الخاصة بتاريخ وتراث المملكة العربية السعودية، وما يتعلق بإقليم الوشم وحواضِره وهِجَره وبواديه.
• توفير الكتب والاصدارات الخاصة بتاريخ المملكة وتراثها وأقاليمها، ومنها إقليم الوشم الصادرة من دور النشر في المملكة وخارجها، أو من قبل الباحثين.
• خدمة زوار مدينة شقراء ومدن الوشم، وتعريفهم بالجوانب التاريخية والتراثية والثقافية في المنطقة.
• تشجيع الباحثين على المزيد من التأليف والبحث في تاريخ الوشم، وتبنِّي انتاجهم ونشره وفق الضوابط العلمية والثقافية والمنهجية والنظامية.
• التعاون مع المؤسسات العلمية والبحثيَّة المتخصصة في مجال التاريخ والتراث الوطني ..
• تخصيص قاعة عرض ثقافية تراثية داخل دار تراث الوشم من أجل التعريف المرئي الملموس لزوار وضيوف شقراء والوشم ..

وإنَّ مِن الإنصاف القول: لو أنَّ لسعادته مآرب ذاتية واستثمارية وإعلامية، لافتتح قلعته الثقافية السامقة في العاصمة الرياض، إلا إنه مشكوراً آثرَ تدشينها في شقراء العراقة والأناقة، دافعاً بالمشهد الثقافي الوشمي نحو آفاقٍ رحبةٍ من الازدهار والانتشار، ولا أدلَّ على ذلك من عضويَّته وحضوره المؤثر في لجانٍ وجمعياتٍ ومجالاتٍ أُخَرْ تصبُّ بمجملها في الصالح الشقراوي العام.. لذا فإنَّ من البدهي اعتزاز الأهالي بمسيرته العلميَّة والعمليَّة الزاخرة، ومنجزاته الظاهرة، ومؤلفاته الباهرة، هاتفين بصوتٍ واحدٍ: (أمَّا هذا المثقف فقد أدَّى ما عليه) و (لقد أتعبتَ مَن بعدكَ أبا محمد) فشكراً وافراً لسعادة مؤرخنا القدير على وفائه وعطائه، وإرادته وإفادته، وجهوده المتواصلة المُنسجمة تماماً مع الدور الريادي للمثقفين المنتجين.. فلكأني بابن الرومي عناهُ بقوله:

وحُبِّبَ أَوطانَ الرجالِ إليهُمُ … مآرِبُ قَضَّاها الشبابُ هُنالِكَا
إذا ذَكَروا أوطانَهُم ذكَّرَتْهُمُ … عُهودَ الصِّبا فيها فحَنُّوا لِذلِكا !!

وما لا شكَّ فيه فإنَّ هذه الأسطر المتواضعة ما هي إلا مشاعر أخوية لقاء ما قدمه سعادته لمدينته وإقليمه ووطنه الكبير، بل لا تعدو كونها (وقفة تلميذٍ أمام أستاذه) أمَّا سيرته ومسيرته وبصماته ومنجزاته الوطنية فهي أضعاف ذلك بكثير.. مُختتِماً هذه الإطلالة بما سطَّره يراع العلامة ابن خلدون ـ يرحمه الله ـ عن فضل عِلْم التاريخ وأهميته قائلًا: {اعلمْ أنَّ فن التاريخ فنٌ عزيز المذهب، جَم الفوائد، شريف الغاية، إذْ هو يوقِفنا على أحوال الماضي من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيَرِهِم، والخلفاء في دولِهم وسياساتهِم، حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيا…إلخ}

سدَّد الله خطاكم لكل خَير .. وتقبلوا تحياتي ..

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أ د عبداللطيف الحميد شخصية وطنية يتحلى بالكثير من الصفات الطيبة ومنها التواضع والبشاشة والأناة عرف باخلاصه وحضوره في المحافل العلمية المحلية والعربية حاز الكثير من الجوائز . له جهود متميزة ومشاركات عديدة في محافظة شقراء مثل تأسيس دار التراث و عضو ية جمعية شقراء للتنمية والتطوير والمشاركة في المناشط الاحتفالية الرسمية والاهلية .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى