أزمة منتصف العُمر
من منا لا يعيش أزماتٍ متكررة في حياته ، جراء ظروف معينة أو صراعاتٍ مع ذاته قبل أن تكون مع الآخرين .. من منا لا يشكو ضيق الدرب وحيرة الفكر وتقلبات الحياة .. البعض مع مرور الزمن يعتقد أن بعد منتصف العمر لا بد له أن يُعانق الأزمة ،لذا قيل بأنها ” تلك المرحلة الانتقالية التي تبدأ من سن الأربعين إلى خمس وستون سنة بالنسبة للرجال والنساء على حدٍ سواء ، ويحدث فيها تغير شامل للشخصية من حيث الفكر وعلاقته بالآخرين ” يرى المحلل النفسي الكندي إليوت جاك أن أغلب معارفه الذين كانوا مبدعين في مرحلة الثلاثين والأربعين أصيبوا بالإحباط بعد الخمسين، وذلك لشعورهم بأن نصف عمرهم قد مضى، وأنهم اقتربوا من الموت ، وفي الأثناء يدخلون مرحلة التأمل في ما قدموه في حياتهم، وما وصلوا إليه. وفي تلك اللحظة يشعرون بأنهم مثقلون بالهموم، لتظهر الأزمة الحقيقية. وفي سنة 1965، نشر جاك دراسته عن تلك الأعراض، وأطلق عليها مصطلح “أزمة منتصف العمر”، ليصبح هذا المصطلح متداولاً حتى وقتنا الحالي. لكن لماذا نَحْنُ مستسلمون لهذه الفلسفة ؟! لا أدري هل هي كذلك أما أنها تندرج تحت نظريات العُمر أم ما تعارفنا عليه منذ القِدم !!
تمامًا مثل ما نتعامل مع ” سن اليأس ” و ” المُراهقة ” و القائمة تطول بتلك المسميات اللي نتوارثها جيلاً بعد جيل ..
يقول الشاعر والروائي الأمريكي “جون أبدايك” في كتابه “إحياء الأرنب” عام 1971 إن “ما لم تحققه في عامك الثلاثين لن تحققه فيما بعد” لا أتفق معه كثيرًا … كيف للإنجاز أن يكون له عُمرًا مُحدّدا .. قد يأتيك بلا سابق موعد ، وقد يتغيّر حالك للأفضل في سنٍ مُتقدم ..
يقول الدكتور خالد الحليبي في أُمسيته ” أزمة منتصف العمر ، انظر لنفسك بالمرآة بأنك مازلت شاباً قوياً يافعاً ولو لم تكن كذلك ” مشكلتنا يا سادة تكمن في أننا مستسلمون دائمًا ، تائهون عن الحقيقة ، ماضون حيثُ يمضي الآخرون بلا أدنى تفكير ، سائرون وراء بعضنا البعض ، نُردد ما يُقال ونتوقّف حيثُ توقّف الآخرون ؟!
مُغيبون عن المنطق ، بعيدون كل البعد عن التفكير بعقلٍ مُستنير .. نرأى كل شئ بأعين الغير بل حتى مشاعرنا هي ليست ملكاً لنا …أحياناً تكون مُصطنعه ومُركبه كي لا نفقد وجودنا مع الغير ..بإمكانك أن تُحافظ على شبابك ، وقوتك وعنفوانك ،،بإمكانك أن تستمر في تحقيق أهدافك التي لا طالما سعيت وراها وكسرت كل الحواجز من أجلها ..
بعض النساء تتحرّج من مُمارسة ما تهوى فقط حتى لا يُقال عنها ” ساذجة أو طفلة ” وبعض الرجال يستحيل أن يُمارس الهرولة بعد سن الأربعين أمام مرأى الناس حتى لا يُشاع عنه أنه ” فاضي ويتشبّب ” في الواقع القائمة تطول بتلك الأفكار والآراء التي مازلت أجدها في المجتمع .. افعل ما شئت و ردّد ما تشتهي ومارس هواياتك ولو كانت صغيرة ، وابتهج لهذا العالم الذي لا مكان فيه إلا لمن امتلأ حُباً ..
لابد أن تصل إلى يقينٍ تام بأن الحياة لمن أرادها فقط ، ولا بد أن تُدرك بأن المرء عدو ما يجهل ، فإن كنت تجهل مكامن السعادة ومواطن الفرح وأبواب الرضا الذي يُفترض أن تكون مفاتيحه في جيبك فسترى الحياة بأكملها منبعاً للشقاء ..
لا يوجد ما يُسمى ” بأزمة منتصف العمر ” يوجد صراع بينك وبين نفسك ، يُوجد أزمه أنت من صنعها بلا سبب أو بسبب لا يُذكر ، يُوجد خوف من كلام البشر ، يُوجد ثقه زعزعتها الظروف ، يُوجد تجاهل تام لقيمة الحياة ، يُوجد تردّد منعك من الوصول إلى مُبتغاك ، يُوجد فكرة سيئة رافقتك لسنواتٍ طويلة ولم تُقاومها بعد ، يُوجد خجل زاد عن حده حتى أوردك المهالك ، يُوجد مُجاملات لا قيمة لها سوى أنها كانت سبباً لشقاءك ، يوجد نظريات هزيلة تتوارثها دون تفكير في نتائجها السلبيه عليك وعلى حياتك .. يوجد يأس اقتحم عالمك ومازال يتأسد ..
ويوجد ،،، ويوجد ،،، ويوجد ………………
اصعد بعزمك إن المجد مُتصل ، وانهض نهوضاً يُسعدك لا يُشقيك وابني لك سُلماً يوصلك لأحلامك التي لا يتشارك فيها أحدٌ سِواك ماعدا قلباً بالحُب مُفعما ، وعقلاً مُبصرا ، و روحاً تهوى الحياة ..
بقلم : هند بنت الهاب الثبيتي ..
مقال جميل حري بأن يحظى بالقراءة والإستفادة مما ورد فيه من نقاط جديرة بالإهتمام
شكرًا لكم ..