بقلم : سعد التميمي .. شقراء
تمرُّ أقطارنا الخليجية وغيرها من دول العالم بوعكةٍ اقتصاديةٍ شاملة طالت السواد الأعظم من قطاعاتها ومشاريعها وخططها المُستقبلية ، وبلا شكٍ فإنَّ هذه المُتغيرات ألقتْ بظلالها على المداخيل النقديَّة لمواطنيها، ما يُحتِّم على النُخَب السعودية مواكبة الحدث وأداء الدَّور المنوط بهم إزاء التوعية المُجتمعية، والعبور بأجيالنا الشابة إلى بيئةٍ اقتصاديةٍ آمنةٍ، وحياةٍ هانئةٍ هادئة.. فيا شبابنا دونكم هذه النقاط :
• ليس بمقدور جهابذة العالم ودهاته قهر الزمان ومنع تقلباته وتحولاته، فلا طاقة لأحدٍ بذلك، لكنهم بحنكَتِهم ورجاحة عقولهم استطاعوا إدارتها والحدِّ من انعكاساتها وتأثيراتها السلبيَّة .
• قديماً قيل : ( المال عَصبُ الحياة ) وذلك لدوره الكبير في مأسسة الدول وإنمائها وإنهاضها واستقرارها واستمرارها.
• إنَّ من الرجولة والمروءة السعي الحثيث في استقلال الشخصية، والاعتماد على النفس، والاستغناء عمَّا في أيدي الآخرين، ولن يتأتَّى ذلك إلا عبر منهجيَّةٍ اقتصاديةٍ وقراراتٍ شجاعة .
• (ترتيب الأولويات) .. هذه المسألة من أهم ما أوصَى به خبراء الاقتصاد العالمي، فلا يُستساغ إطلاقاً ما يفعله بعضنا من بعثرةٍ لأموالهم على السياحة، خارجيةً كانت أو داخلية، وانسياقهم خلف الموضات والدعايات، ومِن ثمَّ استجداء المصارف المحليَّة والأقرباء والزملاء لإقراضهم مبالغ مالية لأجل مُراجَعةٍ طارئةٍ في أحدى المستشفيات الخاصة، أو تسديد إيجار البيت، أو صيانة السيارة، وغيرها من الضروريات المتحتمات!!
• الإمام (ابن الجوزي) يرحمه الله، يُوصفُ بأنه (عالمُ كل العصور) حذَّرَ مراراً مِن هدْر الأموال وإضاعتها، تحسُّباً لمآزق الزمان، ونوائب الدهر، ومفاجآت الحياة، قائلًا : (وكثير من الناس يكسب قوتَ يومٍ بيوم، وينسَى أنه قد يمرض فينقطع عنه الكَسب ويحتاج إلى نفقه، وأنه قد تحترق داره، وقد يغلو السعر، وقد تجري أشياء ليست في الحساب ) !! فيا لها من وصيةٍ ذهبيةٍ جديرةٍ بالتطبيق .
• أمَّا في القرن الهجري الماضي فقد حظيتْ (شقراء الحضارة والتجارة) برَجلٍ حصيفٍ حكيمٍ أريب، عركَته مدرسة الحياة ولأوائها، فأتحفنا جرَّاء ذلك بأبياتٍ جزلاتٍ، رسَمَ لنا من خلالها استراتيجيَّة ( التكسُّب والانفاق والادخار ) إنه الشيخ ( عبدالله بن إبراهيم بن مقرن ) يرحمه الله، الشهير بــ (مريعان) نختار منها :
ودِّكْ إلى منِّكْ بلغتَ الثلاثين … تبدأ تجمِّع خَزنةٍ للعواده
ثلثِ المكدَّه حِطَّها في بعارين … وثلثٍ تخرِّج منه وأضبط حسابه
والثلث الآخر صِكْ دونه كوالين … يَجري على المخلوق شِنْ ما هقا به !!
• هلَّا سعينا جادين في نشر التربية الاقتصادية والمفاهيم الاستهلاكية الصحيحة بــ (ترشيد الانفاق) وعدم الإغراق في (الطقس الذهبي) و ( التسوق العشوائي ) والاستسلام المَقيت لحالة ( الشراء القهري ) تلك الحالة المَرَضيَّة العويصة، وما ينجُم عنها من التزاماتٍ وإحراجاتٍ ورفاهيةٍ باذخة .
• منذ شهرين، حدثنا مثقفٌ شقراويٌ بارز، عن تجربته المُعبِّرة إبَّان دراسته في المعهد العلمي، حين قرر الاكتفاء الذاتي، وعدم الإثقال على والده، مُدَّخراً مكافآته الشهرية الزهيدة، مُفاجئاً أسرته وحائزاً على إعجابهم، لتمكنه من شراء سيارةٍ جديدةٍ لائقة !!
• قال الخبير الاقتصادي الأمريكي نورمان أوجستين : ( لا بُدَّ لكل موظفٍ وعامل أنْ يَدَّخِر بعضاً من أمواله ، فإنَّ هذه المُدَّخرات قد يُعاد تقييمها واللجوء إليها في يومٍ من الأيام ) .
• سأظلُ متفائلًا قائلاً : إنَّ ما نُعايشه حالياً ما هي إلا ( هزَّةٌ ) وانكِماشٌ وركودٌ اقتصاديٌ يُقبِلُ ويُدبِر، ولمْ ترتقِ بحمد الله إلى مرتبة ( الأزمة ) فثمَّةَ بَوْنٌ شاسِعٌ بين الحالتين .
• مُؤكداً في ختام أسطُري، أنَّ هذه التدابير الاحترازيَّة لا تتعارض بحمد الله مع ما حَثَّ عليه ديننا الحنيف ورَغَّب فيه من صدقاتٍ وإحسانٍ، وتكاتفٍ وتآزرٍ، وإكرامٍ للضيوف والوفود بوسطية الإسلام واعتداله واتزانه .
• مسك الختام { وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا }
مُكتفياً بهذه النقاط .. وتقبلوا تحياتي .
مقال جميل عبر عن مرحلة دقيقة يمر بها العالم تتطلب ترشيد الصرف الاستهلاكي وهذا من الامور التي ورد فيها الامر بالاعتدال بنص القرآن والسنة وقد سبق ان كتبت مقالا مماثلا نشرته صحيفة شقراء نت ولكن المتابع لكذا موضوعات يعدون على الاصابع وهذا يعني ان اهتمام الناس بالاشياء الاستهلاكية يفوق ماسواه وهذه مشكلة تحير الكاتب حين لايجد اهتمام بالموضوعات الجادة والتي يفترض ان يكثر حولها النقاش .