غازي القصيبي .. هل جابها على الجرح ؟؟!!
بقلم : سعد التميمي .. شقراء
{ يُخطِئُ مَن يعتقد أنَّ القمَّة مُدَبَّبة لا تسَعُ إلَّا واحداً ، بل هي مُسطَّحةٌ تَسَع الجميع ، ونحن لا نَستوعِب أنفسنا ، لذا لا نَستوعب الآخَر } !! .. كلمات ذهبيَّة من مسؤولٍ ذهَبي ، حُقَّ لنا جميعاً الاحتفاء والاستشهاد بها ، علَّها تُساهِم في انحسار هيمَنةٍ فرديَّةٍ توغَّلتْ وتجذَّرت في كثيرٍ من الأنفس البشريَّة . بالفِعل كمْ نحن في حاجةٍ ماسَّةٍ اليوم لتربيَّةٍ وطنيَّةٍ مَتينةٍ ، رافِعة شِعار التناغمِ والتآلفِ والتجانس ، مُتقاسِمةً النجاح والإبداع والإنجاز مع الأقربين والأبعَدين على حدٍّ سواء .. وكمْ تأخَّرنا كثيراً في العمل بنظريَّة الدكتور غازي القصيبي ـ يرحمه الله ـ التي مِن شأنها القضاءُ شِبه التام على الاستئثار والاستئصال ، والعنصريَّة والفِئويَّة ، عبرَ نظرةٍ تفاؤليةٍ تعايُشِيَّةٍ ، مُنفكَّةٍ عن الانحيازيَّة والحزبيَّة ، والرجعيَّة والانكفائيَّة ، والدونيَّة والأنانيَّة ، سواءً في بعض قطاعاتنا الحكومية والأهليَّة ، أو مِن خِلال تعامُلاتنا الأُسَرِيَّة والاجتماعية ، والتي تهشَّمَ بعضها جرَّاء إبرازنا المُقزِّز للسلبيَّات والزلَّات ، وطَمسِنا المُتعمَّد للإيجابيَّات والحَسَنات !! .. أفَلا يحقُّ لنا أمام هذه المُستجدّات أنْ نقولَ بالعاميَّة الدارِجة : ( جابها أبو سُهيل على الجرح ) !! وباللغة الفصحى : ( أمَّا غازي فقد أصابَ المَحَزَّ باحترافيَّةٍ باهِرة ) !! مِصداقُ ذلك وقوع بعض مُديري إداراتنا الحكومية والأهليَّة في فخِّ ( الموظف الأوحَد ) بمعنَى : ( فلان حِطَّه على يمناك ، والباقي صَبْ قهَوَة ) !! فنجَمَ عن هذه الإقصائيَّة والانتقائيَّة سلبيَّاتٍ وأوبئةٍ مؤثِّرةٍ لعلَّ مِن أخطرها ( الكُهولة الإدارية ) و ( الرَّتابة الأدائيَّة ) و ( الضآلة الإنتاجيَّة ) و ( والشَّلليَّة والكراهيَّة ) كنتيجةٍ كارثيَّةٍ حتميَّةٍ للتهميش والتحطيم ، واغتيال المُبادَرات والابتكارات ، والتجديد والتطوير ، وتقديم الأقربينَ مِن التائهين الفاشلين على ذوي الكفاءات والمؤهلات المُميَّزين !! .. فيا لها مِن ضربةِ مُعلِّمٍ ونظرةٍ صائبةٍ لـ ( القمَّة وصاعِديها ) لأنَّ مِن بيننا مع بالِغ الأسف مَن حَجَّروا واسِعاً برؤيتهِم الضَّيقة الشحيحة ، فأغلَقوا بالشمع الأحمر ميدان التنافس الشريف ، والتنمية والتحديث ، في الأوساط الطلابيَّة والوظيفيَّة والتجارية والرياضية وغيرها !! .. ولا أدري ما مُبرِّرات فِكرٍ مُنغَلقٍ كهذا ، ورسولنا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ترَكَنا على مَحجَّةٍ بيضاء نقيَّةٍ ، لمْ يَختزِل فيها التبشير بالجنة في رفيق دَربه وصَديقِ عُمرِه أبي بكرٍ الصديق ـ رضي الله عنه ـ بل جعَلَها في عَشرة رِجالٍ أفذاذٍ استوعبتهُم القمَّة المُحمديَّة الفسيحة ، المُحذِّرة مِن التيئيس والتقليص والتقنيط ، مؤكِّداً ذلك بحديثه الشريف : ( إذا قال الرَّجل هلَكَ الناس ، فهوَ أهلكهم ) فيما نفَّذها ميدانيَّاً فاروق الإسلام ـ رضي الله عنه ـ ليُربِّي الأجيال المُسلمة على أنَّ انتصارات الأمَّة ليستْ وَقْفاً على تضحيات ونجاحات القائد المُحنَّك خالد بن الوليد ولا على غيره مِن الأفذاذ ، بل إنَّ أُمَّتنا قادرةٌ على إنجابِ ملايين الخَالِدين !! . وختاماً أقول : لله دَرُّ الآباء والأجداد على أريحيَّتهم الاستثنائيَّة ، حين وَرَّثوا لنا حِكمةً بليغةً شهيرةً وضَعوا بِها حدَّاً للاحتكار والاستفراد ، وقَرصَنة المُنجَزات والنجاحات ، بقولهم : ( مِن حَصَّل شيءٍ يستاهله ) ..
وتقبلوا تحياتي .