العائدون إلى الديار ( عبد العزيز الهدلق أنموذجاً ) ..
( الوفاء ) خصلةٌ إنسانيةٌ حميدةٌ ما أجملها وأزكاها ، وتكون أجمل وأبلَغ حينما يأخذكَ الشوق والحنين للأهل والديار والأوطان ، فإذْ بقلبكَ الأسير مُغرِّداً مع الرافعي :
ألمْ ترَ أنَّ الطيرَ إنْ جاء عُشَّهُ … فآواهُ في أكنافهِ يترنَّمِ
وما يرفعُ الأوطانَ إلَّا رِجالها … وهل يترقَّى الناس إلَّا بسُلَّمِ
إنها يا سادة شريحةٌ مُجتمعيةٌ مُقدَّرة ، سيماهم المروءة والرجولة والهِمم العالية ، لمْ يتأثروا بغُبار الابتعاد والنَّوَى ، ولا الافتتان بالمراتب والمناصب الإدارية العُليا ، ولا بالكاريزما الاجتماعية القاتلة المُصاحِبة للشهادات العلميَّة العالية !! فهنيئاً لنا جميعاً بهذا ( القروب النخبَوي النفيس ) المُتفائلين بتكاثُره وتناميه .. ومما لا شك فيه فإنَّ من هؤلاء الأفذاذ رَجلٌ نذرَ نفسه أكثر من ثلاثة عقودٍ لا أقولُ في خدمة ( مسقط رأسه ) فحسب ، بل في خدمة ( وطنه الأم ومملكته الشاسعة ) ، فها نحن اليوم نحتفي بعودة زميلٍ عزيزٍ ورمزٍ إداريٍّ شهيرٍ إلى مدينته وأهله بعد تقاعده من عمله الرسمي الذي أمضاه مُخلصاً متفانياً في قطاع ( الشؤون الاجتماعية ) البالغة الأهمية بتفريعاتها المتنوِّعة والنبيلة وخدماتها الجليلة ، وقد كَتبَ الله لي أنِ افتتحتُ مشواري الوظيفي المتواضع في أحد فروعها التربوية في مدينتنا مدَّة تسع سنينٍ كاملةٍ ، فكانت فرصةً مُواتيةً للاطلاع على الدور الكبير لسعادته بمساهماته الفاعلة في مُختلف وكالات الوزارة وإداراتها وبرامجها وجمعياتها و مناشطها ، وليس لمثلي تقييم قامةٍ سامقةٍ كأبي مشعل .. عاد ابن شقراء البار صاحب السعادة الأستاذ ( عبد العزيز بن إبراهيم الهدلق ) إلى بيته الأول ضمن ظاهرةٍ مُشجِّعةٍ خلال العَشريَّة الشقراوية الماضية ، فها نحن نرى ونشاهد أعداداً مُتزايدةً من العائدين إلى مسقط الرأس ، وقد لمِستُ من سوادهم الأعظم اهتماماً كبيراً بالمسيرة التنمويَّة في مدينتهم ، فرحين ومُنتَشين بمظاهر التقدم والتحديث ، مُمتَعضين في الوقت ذاته ممَّا قد يقع مِن مشاريع مُتعثِّرةٍ أو ترَهلٍ إداري مَقيت ، ألتقي ببعض هؤلاء الأحبة الكرام بعد فِراقٍ طويلٍ في المساجد وفي سوق الخضار أو مِن خِلال جَلسةٍ أخويَّة في الاستراحة ، يرمق بعضنا بعضاً وقد عَلانا المَشيب بسَطوةٍ لا طاقة لنا بها :
وقدْ يَجْمعُ الله الشَتيتين بَعدَما … يظُنَّان كُلَّ الظنِّ ألَّا تَلاقيا !!
بل إنَّ كثيراً منهم وجَدَوا في موطن آبائهم وأجدادهم ومَراتِع صِباهم راحة بدنيَّة ونفسيَّة غير مسبوقةٍ لا سيما المتقاعدين منهم ، بعيداً عن صَخب المدن الكبرى وتعقيداتها المُتفاقمة ، مُستمتعين بفترةٍ هامةٍ من حياتهم تستلزم الطمأنينة والسكينة ، وصَفَها الدكتور خالد المنيف بــ ( المرحلة الملكيَّة ) ما حَدا ببعضِهم إلى الإقامة بمفردِهم ، مُكتَفين بزياراتٍ خاطفةٍ إلى أُسرِهِم بين فينةٍ وأخرى ، ومِن ثمَّ العودة إلى شقرائهم هاتفين في شوقٍ استثنائيٍّ :
حَيَّيتُ ذِكراكِ في شَوقٍ فَلا تَقِفي … مَكتوفَةً يا مُنَى قلبي وحَييني .
فَما مَررتُ على دَربي بمرحَلةٍ … إلا وجَدتُ حُداء الشوق يحدوني !!
عاد أستاذنا أبو مشعل ( رجل الاجتماع والإدارة والإرادة والشورى والرياضة ) حاملاً مشاعلَ من الآمال والتطلعات والخِبرات والرؤى النهضويَّة لمدينته وأهلها ، باعتباره رقماً صعباً في جمعيتنا الوليدة ( التنمية والتطوير ) لذا فإنَّ من الإجحاف والإخلال اختزال جهوده المُتراكِمة في رئاسة نادي الوشم فقط ، كما هو واقعٌ ومُشاهدٌ هذا الأسبوع خاصةً في الأوساط الشبابية الشقراوية الذين لم يُعاصروا بالتأكيد المسيرة الإدارية المُبهرة لأبي مشعل سلمه الله ، والتي استثمرها في تذليل العقبات والصِعاب مع دعمٍ لا ساحِل له في سبيل الارتقاء بالعمل الاجتماعي في محافظة شقراء وغيرها من مناطق ومحافظات المملكة ، لذا ينبغي علينا جميعاً مَد الأيدي لسعادته ، مُلتفِّين حوله بروح الفريق الواحد ، غير مُتسرِّعين إطلاقاً في قطف الثمار أو تقييمٍ عشوائيٍّ غير موضوعيٍّ ، أو نقدٍ هادمٍ غير هادِف ، واقفين بحزمٍ في وجه المُخذِّلين والمُثبِّطين وأعداء النجاح .. فأهلًا وسهلًا بأبي مشعل ، شاكرين ومُقدرين ما قدمتموه من عطاءٍ وأداءٍ إداريٍّ متميزٍ لا يُنكره إلا جاحدٌ أو مُكابر ، عِلْماً بأنَّ ما تقومون به – حفظكم الله – بعد تقاعدكم ومشواركم الماراثوني لا يَعدو كَونَه من نافلة العمل ( ما علَى المُحْسِنين مِنْ سَبِيل ) .. نعَم عزيزي القارئ عادَ أولئك الفُضلاء عاشقين لشقرائهم مُردِّدين قول القائل :
شقراء يا شمس النهار ..
يا وردةً تاقتْ إلى شَدو الكنار ..
يا بسمةً سحريَّةً نامتْ على شَفَة الصِغار ..
شقراء يا نَغماً جميلًا في فؤادي لن يغيب ..
يا مُهجَة الصبِّ الغريب ..
يا مُنية القلب الكئيب ..
أنتِ الكرامة والإباء ..
الضاد في شفتيكِ تصدَح بالضياء !!
مع كامل التقدير والاحترام لإدارة منتديات ( شقراء نت ) ولجميع من سأل عني طيلة الأشهر الماضية .. وتقبلوا تحياتي
بقلم : سعد التميمي .. شقراء .. موظف متقاعد